تواجه كرة القدم موجة من التغيرات السريعة على كافة الأصعدة خلال السنوات الأخيرة، سببها كبار المسؤولين عن إدارة شؤون الساحرة المستديرة.
لم يقتصر الأمر فقط على تعديلات قانونية أو إقحام التكنولوجيا لتحقيق أقصى قدر ممكن من العدالة أو الارتقاء بالمستويات الفنية والبدنية للاعبين أو تطوير الخطط التكتيكية للمدربين.
بل جاء الدور أيضا على تغيير في هيكلة المسابقات القارية والعالمية طمعا من الجهات المسؤولة في تحقيق أقصى قدر ممكن من المكاسب المادية سواء من عقود الرعاية أو عوائد البث التلفزيوني.
وقد تسابق الثنائي جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، والسلوفيني ألكسندر شيفرين رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) على تغيير شكل المسابقات واستحداث بطولات جديدة وزيادة عدد الأندية المشاركة.
ففي منظومة (يويفا) زاد عدد المنتخبات المشاركة في بطولة كأس الأمم الأوروبية من 16 إلى 24 فريقا اعتبارا من نسخة يورو 2016 وبعدها بأشهر قليلة كسب شيفرين جولة جديدة باستحداث بطولة دوري الأمم الأوروبية لتحل مكان اللقاءات الودية بين فرق القارة العجوز وأقرانها من أوروبا أو خارجها.
ولإضفاء مزيد من التنافسية على البطولة الوليدة قرر شيفرين ومعاونوه دمج نتائج البطولة التي تقام بنظام الدوري والمستويات والصعود والهبوط مع التصفيات المؤهلة لبطولتي كأس أمم أوروبا وكأس العالم.
وبعد حرب شرسة ضد مشروع السوبر ليج الذي تزعمه فلورنتينو بيريز رئيس ريال مدريد وخوان لابورتا رئيس نادي برشلونة، نجح شيفرين في زيادة عدد الأندية المشاركة في دوري أبطال أوروبا من 32 إلى 36 فريقا ليقام بنظام الدوري وتجميع النقاط، ليزيد معه أيضا عدد مباريات البطولة عن نظامها القديم، وتشهد مواجهات ساخنة وقوية منذ المراحل الأولى.
من جانبه لم يقف إنفانتينو مكوف الأيدي بل حاول أيضا استحداث أكثر من مشروع جديد خاصة بعد فشل مساعيه في إقامة كأس العالم كل عامين، وهو الاقتراح الذي واجه مقاومة عنيفة من مدربين ولاعبين سابقين وحاليين.
وعوضا عن ذلك نجح رئيس (فيفا) في اعتماد زيادة عدد منتخبات كأس العالم من 32 إلى 48 منتخبا اعتبارا من النسخة القادمة 2026 بأمريكا وكندا والمكسيك.
ولم يكتف إنفانتينو بذلك، ولم يستسلم لحلم إقامة كأس العالم كل عامين وذلك باستحداث بطولة كأس العالم للأندية بمشاركة 32 فريقا من قارات العالم الست لتقام كل 4 أعوام بخلاف أيضا بطولة كأس القارات للأندية إنتركونتينتال التي ستقام بشكل سنوي بين 6 فرق ولكن بنظام الإقصائيات.
وقد وجدت المشاريع الكروية الجديدة انتقادات وتحفظات من النجوم والمدربين، حيث قال لويس إنريكي مدرب بي إس جي في مؤتمر صحفي "من السابق لأوانه تقييم التجربة، سيتعين علينا الانتظار لنهاية الموسم، ولكن لدي بعض الشكوك تجاه الشكل الجديد لدوري الأبطال".
وسار كارلو أنشيلوتي مدرب ريال مدريد في نفس الاتجاه بقوله "بالتأكيد كل تغيير لديه بعض الإيجابيات، ولكن لا أفهم سبب زيادة عدد المباريات".
أما برناردو سيلفا نجم مانشستر سيتي الإنجليزي ومنتخب البرتغال، فقال أيضا "خوض 80 مباراة تقريبا في الموسم هو أمر سخيف، سنلعب مباراة كل 3 أيام تقريبا، مما سيحرم اللاعبون من قضاء بعض الوقت مع عائلاتنا وأصدقائنا".
وبلهجة أكثر حدة تحدث زميله في الفريق الإنجليزي، كيفن دي بروين قائد منتخب بلجيكا بقوله "يبدو أن صوت المال أعلى من شكاوى اللاعبين"، مضيفا "تخيلوا أن الفارق الزمني بين آخر مباراة في كأس العالم للأندية وأول مباراة في الموسم الجديد من الدوري الإنجليزي هو ثلاثة أسابيع فقط".
وتفتح شكاوى اللاعبين والمدربين أبواب التساؤل بشأن هل يهرب نجوم الكرة الأوروبية والمدربون من هذا الضغط الشديد عليهم بدنيا وذهنيا، ويقتنعون أكثر بفكرة الانتقال إلى الدوري السعودي الذي جذب عدد كبيرا من اللاعبين في الموسمين الماضيين؟
فقد فتح كريستيانو رونالدو الباب بانتقاله إلى النصر السعودي، وتبعه نجوم آخرين بارزين مثل بنزيما وكانتي وفيرمينو ومحرز وهندرسون وراكيتيتش وموسى ديابي وسانت ماكسيمين وإدوارد ميندي وياسين بونو وكاليدو كوليبالي، وغيرهم.
فاللعب في الدوري السعودي سيوفر أكثر من ميزة لنجوم أوروبا، أولها عروض مالية مغرية وثانيها ضغط أقل كثيرا في عدد المباريات على المستوى المحلي والقاري، وثالثها الاهتمام الإعلامي العالمي بالدوري السعودي بنقل مبارياته على قنوات أوروبية، ورابعها قدر مقبول من التنافسية لوجود أربعة أندية على مستوى عال مثل الهلال والنصر والاتحاد والأهلي.
فإن تحققت هذه الفرضية مستقبلا ستنقلب الطاولة على إنفانتينو وشيفرين، وسيتحول كلاهما إلى الوكلاء الذين سهلوا عملية انتقال نجوم الكرة الأوروبية إلى أجواء الدوري السعودي.